من: محمود جمال
قال خبراء لـ”معلومات مباشر” إن أسعار العقارات بإمارتي دبي وأبوظبي أصبحت تحقق أعلى عائد للمستثمرين عالمياً وفي مقدمتهم “الصينيون” الذين توجهوا في الفترة الأخيرة لزيادة استثماراتهم بإمارة دبي.
ووفقاً لبيانات دوبيزل العقارية الإلكترونية فإن الصينيين الذين يبلغ عددهم 230 ألفاً كانوا خلال الأشهر الماضية من بين أكثر الجنسيات نشاطاً للبحث عن فرص استثمار عقارية بالإمارة.
وخلال السنوات الخمس الماضية ارتفع عدد المقيمين الصينيين بدبي بنسبة 53 بالمائة ليصل إلى نحو 230 ألف صيني، فيما تبلغ أعداد الشركات الصينية 4 آلاف شركة.
وبحسب تقديرات غير رسمية، فإن منطقة وسط مدينة دبي ومدينة الروضة والمدينة العالمية هي أكثر المناطق شعبية للمستثمرين الصينيين.
وأوضح الخبراء أن هناك 10 عوامل تحفز الصينيين للبحث عن اقتناص الفرص بالسوق العقارية بدبي، وفي مقدمتها الإعفاء من الضرائب وتوفير أعلى عائد استثماري مقارنة بدول الخليج والعالم، إضافة إلى قوانين التملك الحر، ومبادرة الحزام والطريق.
وتراوح متوسط العائد الاستثماري للعقارات بدبي وأبوظبي بين 6 إلى 10 بالمائة ليتفوقا عالمياً على مدينة لندن التي يبلغ فيها العائد الاستثماري نسبة 3 بالمائة فقط.
ولتعزيز القطاع ولتنشيط التدفقات الأجنبية وتوفير فرص مغرية للوافدين، خلال شهر أبريل/نيسان من العام الجاري أصدرت الإمارات قرارات متعددة من ضمنها قانون التملك الحر للأراضي والعقارات.
“الحزام والطريق”
وأطلقت الصين عام 2013 مبادرة الحزام والطريق والتي تقوم على فكرة طريق الحرير التجاري في القرن التاسع عشر والذي ربط الصين بالعالم.
ويرمي مشروع مبادرة الحزام والطريق إلى إعادة إحياء “طريق الحرير” التجاري القديم، والذي كان يمتد عبر آسيا وأوروبا لنقل البضائع من تلك المناطق إلى الصين، وبالعكس.
وقال المؤسس والرئيس التنفيذي للرواد للعقارات لـ”معلومات مباشر” إن توجه المستثمر الصيني لسوق دبي لم يكن عبثاً أو خياراً عشوائياً.
وأضاف إسماعيل الحمادي أن هذا الأمر تمت دراسته جيداً وتمت عملية مقارنة جيدة بين ما يوفره له سوق الاستثمار بعقارات دبي مقابل الأسواق العالمية الأخرى.
وأشار إلى أن زيادة هذا الاهتمام من قبل المستثمرين الصينيين نابع من تيقنه بتلك الخصائص والمميزات التي توفرها له إمارة دبي كمستثمر لن يجدها في مدن أخرى وبناءً عليها غير وجهة بوصلته نحوها.
وقال إن المستثمرين الصينيين لم يهتموا بالاستثمار في عقارات دبي إلا بعد الأزمة التي شهدتها بورصة أسهم شنغهاي الصينية العام 2015، وخاصة بمنتصف السنة حين فقدت الأسهم نحو 20 بالمائة من قيمتها.
وأوضح الحمادي أنه في تلك الفترة ازداد تخوف الصينيين على أموالهم وأصبحوا يبحثون عن ملاذ آمن لاستثماراتهم خارج المدن التقليدية المعتادة كهونج كونج، ولوس أنجلوس، وسيدني وغيرها من المدن التي كانت وجهة لاستقبال أموال أثرياء الصين آنذاك.
وأكد أن أنظار هولاء المستثمرين توجهت نحو الاستثمار بعقارات دبي بعد أن ذاع صيتها في العالم.
وذكرت صحيفة تشاينا بيزنس نيوز الصينية في إحدى مقالاتها خلال نهاية عام 2015 أن الصينيين لم يبحثوا من قبل عن عقارات خارج حدود الصين إلا أن الأمر قد تغير كلياً بعد مشاهدة الإقبال الكبير للمستثمرين الصينيين على عقارات دبي مؤخراً، مشيرة إلى ارتفاع عدد السائحين الصينيين لدبي وتضاعفه ثلاث مرات خلال العام ذاته.
توجه مفاجئ
وأشار إسماعيل الحمادي إلى أنه في ظل هذا التوجه المفاجئ استطاعت دبي جذب الكثير من المستثمرين الصينيين وأصبحوا من ضمن قائمة أكبر عشر جنسيات للمستثمرين الأجانب حيث بلغ حجم استثماراتهم خلال السنة الماضية نحو 1.77 مليار درهم، ومن المتوقع جذب المزيد خلال السنة الجارية بنسبة نمو تقارب 70 بالمائة مقارنة بالعام الماضي.
وأوضح الحمادي أنه توجد عدة عوامل ساهمت في تعزيز الاستثمارات الصينية في القطاع العقاري في دبي من أهمها الأسعار، إذ يعادل متوسط سعر القدم المربعة في عقارات دبي نسبة 15 بالمائة فقط من سعر عقارات هونج كونج.
ويقدر متوسط سعر المتر المربع في وسط مدينة دبي بنحو 6.7 ألف دولار مقابل 17.4 ألف دولار للمتر المربع في شنغهاي، فيما يتجاوز العائد الاستثماري على الإيجار في دبي نسبة 6 بالمائة ويصل أحياناً إلى 9 بالمائة في كل حالات أسعار السوق سواء كانت مرتفعة أو تراجعت مقارنة بنسبة لا تتعدى 3 بالمائة في معظم المدن الصينية والعالمية.
وأضاف الحمادي أن انعدام الضريبة السنوية على تملك عقار في دبي وإعادة بيعه مقارنة بمدن الصين كشنغهاي وتشونغتشينغ التي تتراوح فيها الضريبة بين 0.4 بالمائة إلى 1.2 بالمائة سنوياً، بناءً على مجموعة من الشروط من ضمنها الحجم والقيمة.
وبين أن أحد العوامل المهمة التي ساهمت بشكل كبير بزيادة إقبال الصينيين على الاستثمار في عقارات دبي، تأشيرات الإقامة، ولذلك ستظل دبي الوجهة الاستثمارية المربحة للمستثمرين الصينيين باعتبارها أقل الأسواق الفاخرة تكلفة في العالم.
ودبي بالفعل أصبحت المفضلة للسياح الصينيين حيث وصلت أعدادهم إلى مستويات قياسية لم تشهدها في السنوات العشر الماضية وسط المبادرات التي تتبناها الجهات الرسمية بالدولة، ومنها توفير كل ما يلبي احتياجات السائح الصيني في أعيادهم وخصوصاً بالسنة الصينية “القمرية الجديدة”.
48 مدينة
وبحسب بيان رسمي سابق، أكد المدير العام لدائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي أن الدائرة تنتهج استراتيجية مبتكرة لاستقطاب المزيد من الزوار الصينيين ترتكز على مجموعة من المحاور الأساسية تتضمن عقد شراكات تعاون مع كبرى الشركات المتخصصة.
وأوضح هلال سعيد المري أنه وبموجب تلك الشراكات يتم تقديم خدمات وتنظيم حملات ترويجية في 48 مدينة تغطي مختلف أرجاء الصين، إضافة إلى الارتقاء بمستوى الخدمات التي تقدمها دبي للزوار الصينيين بما يتوافق مع رغباتهم واحتياجاتهم.
وأضاف المري أن قرارات الحكومة بشأن منح رعايا الصين تأشيرة الدخول عند الوصول لأي من منافذ الدولة تدعم عمل الدائرة في جذب تلك النوعية من السائحين الصينيين.
وكثفت دبي جهودها لجذب المزيد من الزوار الصينيين في السنوات الأخيرة، حيث وقعت شراكات مع شركات الاتصالات والتكنولوجيا الصينية العملاقة مثل “هواوي” و”تنسنت”، بالإضافة إلى وكالة السفر عبر الإنترنت “فليجي”، وكل هذه العوامل ساعدت على زيادة السياح الصينيين إلى دبي.
ولجذب عدد أكثر من الوافدين والاستثمارات الأجنبية وافقت حكومة الإمارات في العام الماضي على تمكين الوافدين الذين تزيد أعمارهم على 55 عاماً من الحصول على تأشيرات التقاعد لمدة خمس سنوات إذا كانوا يمتلكون ممتلكات لا تقل عن مليوني درهم، أو لديهم مدخرات تبلغ قيمتها مليون درهم أو دخل نشط يزيد على 20 ألف درهم في الشهر. كما وضعت قواعد جديدة هذا العام للعاملين الرئيسيين مثل الأطباء والمهندسين بالحصول على تأشيرات طويلة الأجل.
وتأتي تلك التوقعات الإيجابية حيال الاستثمارات الصينية بدبي لتعزز ما كشفته البيانات الرسمية في وقت سابق عن نمو العلاقات التجارية بين الإمارات والصين بنحو 16 بالمائة في الربع الأول من 2019 إلى 11.2 مليار دولار، بينما نمت التجارة الثنائية بين البلدين 17 بالمائة إلى 53 مليار دولار في 2018.
إكسبو 2020
كما من المتوقع أن تنمو تلك الاستثمارات في تلك الفترة الحالية ومع اقتراب إكسبو دبي 2020، وعلى مستوى الدولة ككل ومع اقتراب إكسبو 2020، قالت شركة جونز للاستشارات العقارية إن التوقعات تظل إيجابية للسوق مع اقتراب ذلك المعرض العالمي، الذي ينتظر أن يحقق انتعاشة في مختلف القطاعات العقارية على رأسها السكني والإداري والفندقي.
ومعرض إكسبو الدولي أحد أكبر الفعاليات الدولية، ويُقام كل 5 أعوام، ويستمر لمدة 6 أشهر، ويشارك فيه هيئات حكومية، ومؤسسات، وشركات دولية للترويج لإنجازاتها، ومنتجاتها، وأفكارها، وابتكاراتها، وسمعتها.
وسيُقام معرض إكسبو 2020 في دبي على مدى 6 أشهر خلال الفترة الممتدة بين 20 أكتوبر 2020 إلى 10 أبريل 2021.